Image Not Found

قانون «نوبك» ضد «أوبك»

حيدر اللواتي – لوسيل

يتجدد موضوع «نوبك» مرة أخرى بعدما أوردت بعض الوسائل الاعلامية العالمية (رويترز) من أن ثلاثة مصادر مطلعة على السياسة النفطية السعودية ذكرت أنها بصدد بيع نفطها بعملات أخرى غير الدولار إذا مضت واشنطن في إقرارها لقانون يجعل الدول الأعضاء في منظمة «أوبك» عُرضة لدعاوى قضائية لمكافحة الاحتكار، بالرغم من أن السعودية نفت من جانبها لاحقا صحة هذا الخبر وعدم نيتها بيع نفطها بعملات أخرى غير الدولار الأمريكي.

قانون (نوبك) بالاختصار يعني No Oil Producing and Exporting Cartels، وهوَ مُقترح مشروع تم تداوله لأول مرة في عام 2000 داخل أروقة الكونغرس، ثم طرح عدة مرات أخرى في عامي 2007 و2008، بصيغ مختلفة، لكنه لم ير النور حتى الآن. ومن المفارقات في هذا الموضوع أن الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، عندما كان نائبا في الكونغرس بجانب هيلاري كلينتون قد صوّتا بالموافقة على مشروع القانون، لكن أوباما عارضه بشدة عندما أصبح رئيسا لأمريكا، وهدّد باستخدام الفيتو في حالة التصويت عليه بالموافقة.

ويستهدف مشروع القانون مكافحة الاحتكار (لأوبك) وإزالة الحصانة السيادية لها، ودفع دولها إلى تحرير إنتاج الكميات النفطية، خاصة بعد اتفاق الجزائر عام (2016) وفيينا عام (2018)، والضغط على باقي دول المنتجة للنفط في العالم من أجل عدم التأثير على أسعار النفط التي يتم تداولها في السوق العالمي. فقبل اتفاق أوبك 2016، كان الكثيرون يرون أنه لم يعد للمنظمة دور محوري في سوق النفط العالمي وأن تأثيرها على الأسواق لما يعد كسابق عهدها، ولكن بعد الاتفاق التاريخي عادت الثقة في أن (أوبك) لم تنته، وأن عصر النفط لم ينته بعد أيضا، وأن مستقبل هذه المنظمة مشرق ومبشر، خاصة بعدما نجح الاعضاء بعقلانيتهم وقدرتهم على تجاوز الكثير من الصعوبات والأزمات التي كانت تحوط بالمنظمة.

إن أهداف الرئيس الامريكي ترامب عديدة في هذا الصدد منها خفض أسعار النفط العالمية كي يتسنى له تحقيق جملة من الأمور وفق السياسات التي يتبناها منها كبح التضخم في الاقتصاد الأمريكي وسد عجز المديونية الأمريكية، وتوسيع خيار أوروبا بعيداً عن هيمنة روسيا على سوق إمدادات الطاقة إليها، وزيادة فعالية العقوبات الأمريكية ضد إيران، بالاضافة إلى الإبقاء على الدولار كعملة تجارة دولية رئيسية. وهذا الأمر هو ما يحتم على واشنطن السيطرة تماما على تسعير الطاقة بشكل مباشر وليس فقط عبر أنظمة وحكومات تواليها. لكن هناك الكثير من اختلاف وجهات نظر المُشرعين الامريكيين تجاه هذا القانون منذ طرحه لأول مرة. وفي حالة الاقرار به فان عدة دول داخل (اوبك) لديها خيارات أخرى منها التخلي عن الدولار، خاصة وانه جرى مناقشة الموضوع بين أعضاء (اوبك) وعدد من كبار المسؤولين في تلك الدول. كما أن هناك دولا أخرى من خارج المنظمة كروسيا والصين لديها الرغبة بتغيير عملة الدولار في مثل هذه التداولات.

ومنذ عام 2000، والجدل يتواصلُ في كلّ مرة حول مشروع القانون. والأمر غير المعروف عن مدى إمكانية التزام الدول النفطية في المنظمة بهذا القانون في حالة إقراره والاجراءات المضادة التي يمكن أن تتخذها في هذه الحالة. كما أن احتمالات دخول «نوبك» حيز التنفيذ تعد ضئيلة أيضا.